نعيمة : أنت هنا و نحن نبحث عنك كالمجانين ...
كريمة : ماذا بك أمي ,,,لم أبتعد كثيرا عن البيت ..!
ياسين : كفى دلالا و قومي ،، هيا بسرعة !
كريمة : دعني أرجوك ، أحتاج لهواء نقي ...
نعيمة : ماذا بك يا ابنتي ؟ لماذا تصرفت بتلك الطريقة و بكيتِ ؟؟؟
كريمة : هداك الله يا جميلة لا تسترين شيئا ؟؟!
نعيمة : ماذا دهاك ؟؟
كريمة : ـ بدأت تبكي مجددا ـ لا أريد الزواج بكمال ..
ياسين : ماذا ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
نعيمة : يا للمصيبة ...ماذا أصابك يا فتاة ؟؟
كريمة : لا شيء فقط أريد فسخ الخطوبة و إكمال دراستي و الحصول على عمل ...
ياسين : هذا ما كان ينقصك يا سيد عيسى ....قومي هيا ...
تبعتهم بخطوات متثاقلة ،،، و طوال الطريق تلومها أمها و يوبخها أخوها و هي صامتة ،
و ماذا ستقول أصلا بعد خيبة أملها في زوج المستقبل ،، ؟؟
ما إن دخلوا حتى وجدوا الأب و بقية الإخوة متحلقين حول مائدة غرفة المعيشة ،
الكل ينتظر ليعرف السبب الذي دفع بكريمة الطيبة الهادئة إلى الانفعال و البكاء ،
و الخروج هكذا بلا إذن.
أبو جمعة : ما شاء الله ...أهنئكِ يا رجل البيت ...
كريمة : تختبئ خلف أمها ...
محند : ما هذه الصبيانية يا فتاة ؟؟؟
عيسى : أهذا هو ظني فيك يا ابنتي ...؟
كريمة : لقد قلت ما عندي و لن أتراجع أبدا ...
عيسى : و ماذا سيقول عنا كمال ؟؟ ألن يسيء تصرفك هكذا لسمعتنا أمامه؟؟
كريمة : لقد تسرعتُ يا أبي عندما وافقتُ على شرطه بمنعي من العمل ..
و الحمد لله نحن في البداية فقط ،، و سأعيد له الخاتم و كل ما قدمه لي.
ياسين : ـ غادر ـ سأخرج الآن حتى لا أرتكب فيك جريمة ...
عيسى : و كيف سنخبر الرجل بقرارك الصبياني هذا ؟؟؟
كريمة : سأخبره بنفسي لأن القرار قراري أصلا ...
عيسى : لولا أنك وحيدتي لاختلف الأمر تماما ...و لكن افعلي ما ترينه صائبا.
محند : دسست سمعتنا في التراب ...
نعيمة : حسبك يا هذا !! ماذا فعَلتْ؟؟ كثيرون يفسخون الخطبة و يتزوجون من جديد ..
فلا تتسرع في كلماتك ...
محند : ـ يغادر هو الآخر ـ افعلوا ما تريدون حتى لا يتكدر خاطر السلطانة كريمة
عن إذنكم ـ غادر و هو ينظر لأخته نظرات غضب شديد ـ
نعيمة : هل عندك ما تضيفه أنت كذلك أم ستنصرف مثلهم ... ـ تخاطب أبو جمعة ـ
أبو جمعة : خلى لها الجو فلتفعل ما تريد و سنرى في الأخير حصاد ما زرَعتْهُ .....
عيسى : أعيدي له كل ما قدمه لك يا ابنتي و ركزي في دراستك ،، و ليكن في علمك
أن أي تراجع في معدلاتك يعني الجلوس في البيت .
كريمة : لا تخف يا أبي و سترى إن شاء الله كيف سأرفع شأنك في البلدة ـ قبلت يدهُ ـ
نعيمة : ـ تبكي ـ انتبهي يا ابنتي جيدا لأن قرارك هو الشماعة التي سيعلق عليها
كل من يحيط بك أخطاءك.
كريمة : الله المستعان ـ غادرت إلى غرفتها ـ
نعيمة : كريمة ..كريمة ..
عيسى : دعيها ترتاح.....ـ يتأوه ـ كبرتِ يا كريمة و كبر الهم معكِ......
على خلاف ما توقعَتْ ،،،مرَّ القرار بسلام ، و نجَتْ من رد فعل إخوتها
الذي ظنته صفعة مدوية أو شدُُّ من شعرها ...
و لكن في هذه المرة اختلف سلوكهم معها، ربما لأنها كبرت أو لأن
سلطة الأب أقوى من مواقفهم ؟؟؟؟ لا يهم ..المهم هو أن بطلتنا
أخرجت كمال من القضية مثل الشعرة من العجين ،، لأنها تدرك
تماما أن بيان حقيقة موقفه أمام أسرتها ، سبب وجيه لكره كل متدين
أو ملتحِِ ، لذلك قدمت درء المفاسد على كل مصلحة .
و ما أن انتهت الأيام الثلاث حتى كانت في المدينة بصحبة رفيقة الطفولة
ابتسام ، لتعيد لكمال حاجياته...
ابتسام : استعدي إنه قادم ...
كريمة : حسنا قفي هنا على مقربة منا ..
ابتسام : ـ عصبية ـ حاضر ..
كمال : السلام عليكم ..
كريمة : و عليكم السلام ...تفضل ...
كمال : ما هذا بربك ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!
كريمة : انتهى كل شيء و أنا الآن أعيد كل شيء ....
كمال : كما تريدين ..... ـ استلم منها الحاجيات بحزن ـ
كريمة : بقي لي المصحف الصغير هل أعيده ؟؟
كمال : نعم ...
كريمة : ـ مرتبكة ـ حسنا تفضل ...
كمال : سامحيني لأني مضطر لأخذه هو الآخر لحاجة في نفسي ...
كريمة : ـ نبرة حزينة ـ من حقك طبعا ....حسنا سأنصرف ..
كمال : انتظري ...
كريمة : ـ تغالب الدمع في العين ـ ماذا تريد ؟؟؟
كمال : سامحيني رجاء .....و اذكريني دائما بخير ،، أنا الظالم و المظلوم في نفس
الوقت ،،، لا تظلميني بسوء الظن ،، و اعلمي أنني كنت صادقا في مشاعري
و مواقفي معك ...
كريمة : ـ تبكي ـ لا عليك فقد ظلمنا أنفسنا منذ البداية عندما أطلقنا العنان لقلبينا ،
كمال : ـ يبكي هو الآخر ـ لو تعلمين الألم الذي يعصر قلبي و نحن نودع بعضنا الآن
ودِدْتُ لو تنتظريني إلى الثلاثين و لكن لا أريد أن أظلمك أكثر و أنت في العشرين
من عمرك ...و الحياة أمامك بحول الله.
كريمة : لا و لن أنتظر أحدا ، و سأكرس وقتي و جهدي لحفظ كتاب الله و التفوق
في دراستي ....و أنت أيضا ستنساني بسرعة فلا داعي للقلق و الحزن ...
كمال : أنا أيضا سأغادر الجامعة و أؤجل بحث الماستر لسنة أخرى إن شاء الله.
كريمة : جيد ،، نعم القرار حتى لا ترى وجهي ..
كمال : بل لأني لا أملك الشجاعة لتحمل الشعور بالذنب كلما رأيتك .....
ابتسام : ـ تنادي من بعيد ـ تأخرنا ...
كريمة : حسنا وداعا ....و اعلم أني سامحتك من قلبي .... ـ و انصرفت ـ
كمال : هداك الله يا أختنا ابتسام ضيعتِ علينا لحظة الوداع ........
انتهى كل شيء ،، و غادر كل منهما حياة الآخر بهدوء و سلام ، باحثا عن
فردوس يعوضه عن مرارة التجربة التي لم تكن سهلة أبدا ...
ليس عيبا أن تفشل و لكن العيب الكبير أن تستمر في خطوة فاشلة ،
و الواقع يختلف تماما عن جزيرة الأحلام التي تقع في خريطة ذهننا
الحالم .....
كمال و كريمة بدآ قصة لم تبتدئ بمقدمة سليمة ، و المقدمات
السلبية تؤدي لنتائج سلبية ، و من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه,
مرت ثلاث سنوات في حياة كريمة بعد هذه التجربة ، حصدت فيها الإجازة بميزة ،
و شهادة الماستر كذلك بميزة ، و قاربت على ختم حفظ كتاب الله ، و تحسنت
علاقتها بإخوتها ،، و هذا من بركة الصلاح و التقوى التي تأتي بدورها من نفس
تجاور كتاب ربها في كل لحظة حفظا و تجويدا و مُدارسة ....
و الجميل في الأمر أن التأثير ظهر أكثر فأكثر على ابتسام التي حصلت بدورها
على الإجازة و شهادة الماستر ...رغم أن الدراسة في قسم الماستر باعدت
بينهما بحكم اختلاف التخصص و لكن السكن الجامعي و الرفقة الدائمة حافظت
على أخوتهما و محبتهما في الله.....
كريمة : ماذا بك صديقتي ...لا يليق بك الحزن أبدا ....
ابتسام : الأمر لا يستحق ....
كريمة : لا ...أنا مصرة هيا أخبريني ..
ابتسام : كم هو مغرور ...
كريمة : اتق الله يا بسمتي ,,لا داعي لهذه الكلمات ..
ابتسام : تكلم مع أخي عني و عن رغبته في الزواج مني ...
كريمة : ـ قاطعتها ـ عريس عريس هههههه
ابتسام : اسكتي رجاء ...أصابني بالهم بكلماته المتعالية و السخيفة ..
كريمة : بالتفصيل الممل ....
ابتسام : حسنا جلسنا في اطار النظرة الشرعية و تناقشنا عن شروطي و تصوري
للحياة الزوجية ،، و هو كذلك ...ليفزعني في الأخير بشرطه ..
كريمة : أي شرط ؟؟
ابتسام : يتزوج مرة أخرى عليَّ بعد سنتين ...و ندون الشرط في العقد ...
كريمة : ههههههههه يا له من شاب ...غريب حقا ..و ماذا كان ردكِ؟
ابتسام : رفضتُ طبعا ...و ليس بسبب التعدد و لكن لأني لا أعرف هذا الشخص
جيدا و لا أدرك لماذا هاتين السنتين و هل لهذا الشرط أصل في ديننا .؟؟
كريمة : التعدد مباح بنص كتاب الله أم نسيتِ ؟؟
ابتسام : لم أقصد ذلك ؟؟ و لكن قصدت طريقة الشاب و مراده من ذلك ؟؟ غريب حقا .
كريمة : و كيف هو الشاب شكلا و مضمونا ؟؟
ابتسام : من حيث الشكل تتمناه كل نساء الدنيا ، أما المضمون فلا و ألف لا ،،،
بل كاد أن يأكلني بنظراته المُريبة ....و المصيبة أنه يدعي الالتزام و ملتحي
و أكثر ما عصبني هو قوله لي أن فتيات الحي يرسلن له الرسائل و عروض
الزواج و هو يرفض ...
كريمة : و النتيجة ؟؟؟
ابتسام: ـ انفجرت ضاحكة ـ حطمتُ كبرياءه برفضي للزواج منه .....
كريمة : ههههههه خطيرة و الله خطيرة ....
ابتسام : أنا أصلا قبِلت التجربة إرضاءا لأخي فقط ...
كريمة : حقا ؟؟؟
ابتسام : و لأن شكله جذبني و لكن مع الأسف صدمني ...
كريمة : أغبطك على أخيك ...
ابتسام : هههه هااا اعترفي كأخ أم ماذا ؟؟؟
كريمة : كأخ فقط و لله الحمد ....تمنيت لو كان إخوتي في مثل طبعه معك ...
ابتسام : جهزي نفسك لأنه و كما سمعتُ في غفلة منه أن هناك جديد لكِ ...
كريمة : ماذا ........؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ابتسام : نعم نعم ...
كريمة : أرجوك ..سأطبخ لمدة أسبوع فقط أخبريني ..رجاء أخبريني ...
ابتسام : صدقيني أنا أيضا لم أفهم و لكن سأبحث إن شاء الله.
يتبع إن شاء الله